للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التبديل، والذي وردت الآيتان القرآنيتان فيه، والذي استشهد كل من اللسان والمفردات بهما في توضيح المراد من التبديل، ذلك أننا نريد أن نكتشف عوامل الاهتزاز والضعف التي تودي ببنيان الأمة وتوهنها وتجعلها مستحقة لعقوبة الله ونقمته، ونريد أيضا أن نكتشف عوامل القوة والثبات التي تورث الأمة العزة والقوة والطمأنينة والأمن وتجعلها مستحقة لخلافه الله في الأرض على نحو ما وعد الله أسلافنا ووعدنا في قوله المحكم: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١). لقد قص الله علينا في محكم كتابه قصص أنبيائه ورسله وما حدث لهم مع أممهم وأقوامهم ليبين لنا سننه ونواميسه، وليكون هذا القصص لنا عبرة نتعلم منها، ودروسا نعيها ونستفيد منها لما يحدث في حياتنا وينزل بنا، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٢).

وجعل أيضا في حركة الزمن وتدافع الأمم وصراعاتها ومداولة النصر والهزيمة بينها عبرة تؤخذ، وامتحانا وابتلاء يعرف به الصادقون من غيرهم، وتعرف به سنن الخير والصلاح وسنن النصر والتمكين، وأسباب الهزيمة والفشل، يقول الله تعالى في نهاية قصة سيدنا داود وما حدث له من نصر على جالوت: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (٣) {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (٤).


(١) سورة النور الآية ٥٥
(٢) سورة يوسف الآية ١١١
(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٠
(٤) سورة البقرة الآية ٢٥١