للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الخلافة العثمانية) كما كانوا يقولون، وتولى تلميذ مخلص من تلامذة الغرب ألا وهو مصطفى كمال أتاتورك حمل رسالة التغريب ليحمل فأسه ويحاول أن يقوض البناء من أساسه في تركيا، حاضرة الخلافة والمدافعة عن الإسلام والعالم العربي قرابة أربعة قرون والواقفة أمام أطماع اليهود في النصف الأول من القرن العشرين. . إلخ. لقد أجهز أتاتورك على الخلافة ونادى بالطورانية (١) محل الإسلام، وأراد أن يجتث الثقافة الإسلامية فحرم العربية وأجبر الناس على قراءة القرآن بالتركية، وحول كتابة اللغة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية، ليعزل الجيل الجديد عن تراثه وثقافته، واستورد القوانين الغربية، وفرض السفور ووصل في عدائه أن ألغى قانون الأسرة وجعله قانونا علمانيا وفرض اللباس الأوروبي. . وحرم الطربوش والعمامة، كل ذلك بالحديد والنار.

بهذه التجربة المرة في مجتمعاتنا المعاصرة تمزق ولاء الأمة وتشتت فكرها، وتحطمت نفسيتها وتوقفت مسيرتها، فقد عاشت هذه الأمة بالإسلام، والإسلام بطبيعته رسالة حياة حضارة، وهو في قيمه ونظرته ووجوده في واقع الأمة الإسلامية والمجتمعات الإسلامية يخالف مفهوم الدين عند الغربيين، فإذا كان الدين عند الغربيين قد حرف وبدل وصار مفهومه (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله) بمعنى الفصل بين الدين والحياة. . .؛ فإن الإسلام هو توجيه الحياة كلها بمختلف أنشطتها وجعل غايتها ووجهتها لله عز وجل.

يقول الله تعالى على لسان رسوله: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢) {لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٣) ولهذا كانت شريعة الإسلام هي دستور الحياة الفردية والاجتماعية بحيث لا يخرج أي أمر عن


(١) الطورانية: نسبة إلى سلالة طوران شاه التي جاءت منها قبائل الأتراك ما قبل الإسلام.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٣) سورة الأنعام الآية ١٦٣