للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نطاقها ونظرتها. يقول الله تعالى على لسان رسوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (١) ويقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (٢) {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٣).

ومن هنا فدعاة التغريب واللادينية في مجتمعاتنا إنما يحاربون الفطرة الخيرة في الأمة والتي جاء الإسلام فقواها ونماها وأعطاها وامتدادها؛ ولذلك فرغم المحاولات المريرة التي حاولها هؤلاء الدعاة ومن أبرز أمثلتهم أتاتورك، فإن شعبا كالشعب التركي رفض كل المحاولات التي حاولت ردته وتغيير وجهته وسلوكه، وحالما حانت الفرصة عبر عن إسلامه وتدينه ويكفي مثلا على ذلك شبابه ووفوده إلى بيت الله الحرام بعد انقطاع أكثر من خمس وعشرين عاما، لكن النتيجة أن هذا الصراع الذي قام به أتاتورك وطغمته دفع ضريبته هذا الشعب عزلة وتأخرا وتمزقا وضياعا. وعلى ذلك فقس باقي المجتمعات التي رزحت تحت أنظمة من هذا النوع.

والمشكلة الأساسية أن دعاة التغريب واللادينية، سواء كان يتبعون الفلك الغربي الأوروبي، أو يتبعون الفلك الشيوعي الاشتراكي، هم مقلدون تائهون يرددون كلام سادتهم وأوليائهم، ويلفقون ويزورون في دعاويهم وآرائهم، فلا قدرة عندهم على قول كلمة الحق، ولا شجاعة عندهم في النزول على حكم الأمة؛ وكل عملهم في الأمة هو عمل الغواة والسحرة، فما أضخم شعاراتهم، وما أكثر ضجيجهم، وما أسوأ أخلاقهم، افتقدت الأمة فيهم القدوة الصالحة، وانتشر بهم الكذب والفجور والتحلل، وعم بهم الإرهاب والتنكيل، وغاض العدل والإنصاف، وفقدت الطمأنينة وضاعت الثقة، فأصبحوا كابوسا ثقيلا وليلا طويلا، فما أبعد التحضر عن سلوكهم وأعمالهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.


(١) سورة الجاثية الآية ١٨
(٢) سورة المائدة الآية ٤٩
(٣) سورة المائدة الآية ٥٠