للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله (وبعد) فإن للإيمان بالله واليوم الآخر ثمرات كثيرة: منها ما هو عاجل كباكورة الفاكهة، قطوفها دانية في هذه الحياة، ومنها ما هو آجل ناضج يانع مستطاب يدرك في الدار الآخرة، ثم يستمر ويدوم ويزداد، لا ينقطع، ولا يمتنع، ولا ينقص ولا يفنى، بل عطاء غير مجذوذ، ونعيم دائم، لا يشوبه خوف ولا كدر ولا حزن، فالإيمان بالله واليوم الآخر، كشجرة طيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

باكورة الثمرة أو (ثمرة الإيمان بالله واليوم الآخر في الدنيا):

إن الإنسان الذي يؤمن بأن للعالم ربا واحدا، خالقا رازقا، وإلها عليا عظيما لا شريك له في ربوبيته، ولا يجوز أن يشرك معه أحد في عبادته، ويؤمن بأنه ساع إلى ربه سعيا فملاقيه، وأنه قائم مسئول أمامه عما قدم وأخر {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} (١) {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢).

هذا الإنسان الذي آمن بربه وبلقائه وجزائه، يحيا في هذه الدنيا حياة طيبة، دائرا في فلك الرضا والطمأنينة والأمان: شاكرا لفضل ربه وعطائه، صابرا على قضائه وابتلائه، مؤمنا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فتراه دائما رضي القلب، مطمئن النفس، واثقا بأن ما عند الله خير وأبقى، وأعلى وأثمن وأنقى من كل ما في هذه الدنيا من زينة وبهجة ومتاع، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر؛ لعلمه بأن هناك جزاء حسابا، ومن هذا المنطلق يقضي حياته العاجلة في طاعة ربه ما استطاع، وفي نفع نفسه، وأهله، ومجتمعه ما أمكنه ذلك، وفي دعوة الناس -بحاله وقيله - أن يسلكوا هذا السبيل السوي المستقيم. فهو من الله في


(١) سورة المطففين الآية ٥
(٢) سورة المطففين الآية ٦