للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشطرا الحكم في حقيقتهما نظم واحد يطلق عليه: الحكم الكلي وهو أمر أو حظر أو إباحة على أوصاف عامة منزلة في الذهن، والأمر والحظر والإباحة صفات أحكام لا صفات أعيان، ولذا فإن للحكم الكلي صفتين هما: أنه عام، ومجرد (١)، وقد أشار إليهما ابن خلدون (ت: ٨٠٨هـ) وهو يحدد وظيفة العلماء في التقعيد والتأصيل، فهو يقول: " إنهم معتادون النظر الفكري، والغوص على المعاني، وانتزاعها من المحسوسات، وتجريدها في الذهن، أمورا كلية عامة؛ ليحكم عليها بأمر العموم لا بخصوص مادة، ولا شخص، ولا جيل، ولا أمة، ولا صنف من الناس، ويطبقون من بعد ذلك الكلي على الخارجيات، و - أيضا - يقيسون الأمور على أشباهها وأمثالها بما اعتادوه من القياس الفقهي، فلا تزال أحكامهم وأنظارهم كلها في الذهن، ولا تصير إلى المطابقة إلا بعد الفراغ من البحث والنظر ... ".

كما أشار إلى صفتي الحكم من العموم والتجريد الشاطبي (ت: ٧٩٠هـ) بقوله: " لأنها [يعني: الأحكام الكلية] مطلقات وعمومات، وما يرجع إلى ذلك " (٢).


(١) كتابنا: توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية ١/ ١١١.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ٩٣.