للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول السبكي (ت: ٧٥٦هـ) في الفرق بين الفقيه والمفتي والقاضي -: ". . . فنظره - أي: القاضي - أوسع من نظر المفتي، ونظر المفتي أوسع من نظر الفقيه، وإن كان نظر الفقيه أشرف وأعم نفعا.

إذا علمت هذا فالفقه عمومه شريف نافع نفعا كليا، وهو قوام الدين والدنيا، والفتوى خصوص فيها ذلك العموم وتنزيل الكلي على الجزئي من غير إلزام، والحكم خصوص ذلك الخصوص فيها وزيادتان؛ إحداهما: النظر في الحجج، والأخرى: الإلزام " (١).

أهمية الواقعة القضائية:

سبق أن بينا الحكم الشرعي الكلي، وأنه مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييرا، أو صحة وبطلانا، وبينا أن له سمتين هما: العموم والتجريد (٢)، لكن الحكم الكلي الفقهي بهذه الصفة يبقي نظريا ساكنا منزلا في الأذهان، حتى إذا لامسته الواقعة القضائية، حركته من سكونه وشخصته، فصار منزلا على الأعيان والأشخاص، فالواقعة القضائية هي المحل الذي يعمل فيه الحكم الكلي، ومن هنا تأتي أهمية الواقعة القضائية، فهي التي تحرك الحكم الكلي الفقهي لتنزيله عليها (٣).


(١) فتاوى السبكي ٢/ ١٢٣، وانظر: شرح عماد الرضا ببيان أدب القضا ١/ ٥٩.
(٢) انظر: المبحث الأول من هذا البحث.
(٣) كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " ١/ ٤٣.