للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمكلف وهو يتكلم بأمر أو نهي أو إقرار أو عقد، قد يطلق الكلام ولا يقيده أو يفسره، بل إن تفييده أحيانا يعد إعياء في الكلام، فيتعين على من ينفذ كلامه أو يحاكمه فيه أن يحمله على وجوه تفسير الكلام المقررة، يقول ابن مفلح (ت: ٧٦٣هـ): " ومن قصد بيان تعليق الحكم بالوصف، رتبه عليه، ولم يتعرض لجميع شروطه وموانعه (١)؛ لأنه عسر؛ إذ القصد بيان اقتضاء السبب للحكم، فلو قال: اعط هذا للفقراء أو نحوهم، استأذنه في عدوه وفاسق، ولو قال: إلا أن يكون أحدهم كذا وكذا، عد لكنه وعيا، وكذا قول الطبيب: اشربه للإسهال، فعرض له ضعف شديد أو إسهال. . . ذكر ذلك شيخنا (يعني ابن تيمية) (٢).

ففهم الواقعة وتفسيرها أمر لا بد منه للحكم القضائي، وقد أثنى الله - عز وجل - على سليمان - عليه السلام - لفهمه الواقعة ووجه الحكم فيها، كما في قوله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} (٣) {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (٤).

فثناء الله - عز وجل - على سليمان - عليه السلام -


(١) في الأصل: " ومواثقه "، والتصويب اقتضاه السياق.
(٢) الفروع ٤/ ٣٧٦.
(٣) سورة الأنبياء الآية ٧٨
(٤) سورة الأنبياء الآية ٧٩