وقواعد يجري في الجملة على تفسير كلام المكلف في تصرفاته، وإقراراته، ودعاواه، ودفوعه، وبيناته، ففيها الواضح من نص وظاهر، وفيها المجمل الذي يلزم تفسيره وبيانه بطرقه المقررة، وفيها المؤول الذي يصرف عن ظاهره بدليل راج، وفيها العام والخاص، والمطلق والمقيد، وما دلالته منطوق، ومفهوم موافقة أو مخالفة، وفيها ما يقع فيه التعارض.
وللقرائن الحالية والمقالية والأعراف في الدلالة على الكلام وغيرها أثر كبير في تفسير الوقائع ودفع التعارض. (١).
وثم اختلاف في بعض ذلك بين دلالتها في نصوص الشرع وكلام المكلفين استدعاه أن كلام الشارع نحتاج إلى تعديته من واقعة منصوص عليها إلى غيرها لتقرير حكمها.
أما كلام المكلف فإنما جعل للكشف عن إرادته وتصرفاته، ولا يستدعي الأمر تعديته، بل الأصل قصره، والاحتياط للمكلف بعدم إلزامه بدلالة لم يظهر ما يدل على التزامه بها، قال المارودي (ت: ٤٥٠هـ): " أحكام الشرع يجمع فيها بين اعتبار الأسامي والمعاني، وأحكام الإيمان معتبرة بالأسامي دون المعاني؛ لأن الضرورة دعت في المسكوت عنه في أحكام الشرع إلى اعتبار المعاني وتجاوز الأسامي، ولم تدع الضرورة في الأيمان إلى اعتبار
(١) كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " ٢/ ١٥٢.