فالقاضي - بل والمفتي - وهو يقوم بتنزيل الحكم على الواقعة لا بد له من التبصر في ذلك بأن يقدر عواقب ما يقرره ناظرا إلى أثره أو آثاره، فإن لم يفعل كان عمله خطأ مضيعا للحقوق، أدخله في الشرع اعتمادا منه على تأويل ظهر له لم يلتفت فيه إلى عواقبه ومآلاته.
يقول ابن القيم (ت: ٧٥١هـ): " فالحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي القرائن الحالية والمقالية، كفقهه في كليات الأحكام - أضاع حقوقا كثيرة على أصحابها، وحكم بما يعلم الناس بطلانه، لا يشكون فيه اعتمادا منه على نوع ظاهر لم يلتفت إلى باطنه وقرائن أحواله "(١).
فعلى القاضي - وكذا المفتي - وهو يقوم بتنزيل الأوصاف الكائنة في الحكم الكلي عليها أن ينظر نظرا خاصا في الحكم الذي حدده لتطبيقه على الواقعة، ولا يقطع نظره عن النظر في مآل الواقعة لو طبق عليها ذلك الحكم الكلي، بل عليه مراعاة مآل الواقعة، فإن ظهر له عدم المواءمة بين الحكم الكلي ومآله على الواقعة، أعاد النظر