مرة أخرى في ملاقاة الحكم للواقعة، وطلب غيره مما يكون أقعد بمراعاة مآلها، أو أضاف على الحكم، أو حذف منه من القيود ما يحقق النظر في ذلك المآل طلبا أو منعا.
وإن رأى المواءمة بينهما طبقة على الواقعة وحكم وألزم، يقول الشاطبي (ت: ٧٩٠ هـ): " النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعا لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ "(١).
إن على القاضي - وكذا المفتي - وهو يقوم بتنزيل الأحكام الكلية المجردة على الوقائع أن يلحظ ظروف وأحوال وملابسات ومآلات الواقعة وآثارها، فيعمل على المواءمة بين مقتضيات الحكم الكلي مجردا وبين الواقعة لاحظا ما ذكرنا.
ومن صور ذلك أن الحكم إذا كان يؤدي في مآله إلى الفتنة والفساد على الدين أو الأمة فإن القاضي يتوقى ذلك المآل بالقيود الدافعة له زيادة أو نقصا، أو يعدل عنه إلى حكم آخر، يقول ابن تيمية (ت: ٧٢٨هـ) في الرد على الذين أنكروا عليه الفتيا في