للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسواء كانت الضرورة في الغذاء، أم الدواء، أم الانتفاع بمال الغير، أم القيام بالفعل تحت تأثير الإكراه، أم الدفاع عن النفس ونحوها، أم ترك الواجبات الشرعية المفروضة (١).

فكل ذلك حالات استثنائية تسوغ للمكلف ترك الأحكام الجزئية المقررة لعموم المكلفين نصا أو استباطا، ليدخل بحسب ما طرأ عليه في العمل بالأحكام الجزئية المقررة للضرورة.

فالمكلف ينتقل من الوجوب أو الحرمة إلى الإباحة، أو من الإباحة إلى الوجوب أو الحرمة، أو من الحرمة إلى الإباحة أو الوجوب، أو إلى تأخير الواجب من أمر ونهي عن وقته ودفعا للضرورة في غالب ظنه (٢).

والمكلف عند مراعاة الضرورة انتقل من مناط إلى مناط آخر، ولا يعد ذلك خرقا للتشريع ولا خروجا عن أحكام الشرع؛ لأن أصول الشريعة اقتضت له حكما قبل الضرورة، كما اقتضت له حكما آخر بعد الضرورة، وإنما معنى مراعاة الضرورة أنه إذا طرأت الضرورة انفردت من كليات جنسها، ولحقت بحكم جزئي خاص بها وما ماثلها، فالأحكام ثابتة قارة تتبع أسبابها حيث


(١) نظرية الضرورة الشرعية للزحيلي ١٨بتصرف.
(٢) المرجع السابق.