للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخ الشنقيطي: " فهذه الآثار التي لم يعلم أن أحدا من الصحابة أنكرها مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور، هي حجة من قال بقتله مطلقا، والآثار المذكورة والحديث فيهما الدلالة على أنه يقتل ولو لم يبلغ به سحره الكفر؛ لأن الساحر الذي قتله جندب - رضي الله عنه - كان سحره من نوع الشعوذة والأخذ بالعيون، حتى أنه يخيل إليهم أنه أبان رأس الرجل، والواقع بخلاف ذلك، وقول عمر: " اقتلوا كل ساحر " يدل على ذلك؛ لصيغة العموم. (أضواء البيان ج ٤ ص ٤٦١).

ولما كان السحر داء يؤثر، فيمرض الأبدان، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، شرع أن يسعى في علاجه، والأخذ بالأسباب المباحة المؤدية إلى الشفاء؛ لأن الله - تعالى - جعل لكل داء دواء كما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء (١)» وفيما رواه مسلم عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل (٢)» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ويعالج السحر بالقرآن والأدعية المشروعة والأدوية المباحة، وأما علاجه بالسحر فهذا حرام لا يجوز؛ لعموم النصوص الواردة في


(١) صحيح البخاري الطب (٥٦٧٨)، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٣٩).
(٢) صحيح مسلم السلام (٢٢٠٤)، مسند أحمد (٣/ ٣٣٥).