وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كما إذا لم يبق للميت أثر من عظم أو غيره. اهـ.
وأما كلام الحنيفية فقال الإمام السرخسي في كتابه (المبسوط): وإن دفن قبل الصلاة عليه صلى على القبر؛ لأنه قد سلم إلى الله تعالى وخرج من أيديهم. وجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «القبر أول منازل الآخرة (١)». اهـ.
وأما كلام المالكية فقال في (شرح أقرب المسالك) للشيخ أحمد بن محمد الدردير - رحمه الله -: والقبر حبس على الميت لا ينبش. أي يحرم نبشه ما دام الميت به، إلا لضرورة شرعية. إلى آخر كلامه رحمه الله.
فهذا ما تيسر إثباته هنا من النصوص الشرعية الواردة في هذه المسألة وكلام أهل العلم، وفيه كفاية ومقنع إن شاء الله، وحيث إن المقابر أوقاف على الموتى وحبس عليهم فإن مجرد الحاجة إلى الانتفاع بها لتوسعة طريق ونحوه لا يكون مسوغا لاستعمالها أصلا، ولأن استعمالها على هذه الصفة مفسدة متحققة، وتوسعة الطريق جلب مصلحة، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، مع أن الغالب في مثل هذه الأمور أن للناس مندوحة عن نبش المقابر؛ لإمكانهم من إدراك غرضهم من ناحية أخرى من دون مفسدة ولا مشقة. والله ولي التوفيق.
مفتي الديار السعودية
(١) سنن الترمذي الزهد (٢٣٠٨)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٦٧)، مسند أحمد (١/ ٦٤).