للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجواب: أن معنى الآية: أأنتم تنبتونه وتجعلونه زرعا، أم نحن المنبتون له، الجاعلون له زرعا لا أنتم؟ (١).

يقول ابن كثير في تفسير الآية: " {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ} (٢) أي: تنبتونه، {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (٣) أي: بل نحن الذين نقره قراره وننبته في الأرض ". (٤).

فالله سبحانه نفى عنهم قدرتهم على إنبات ما حرثوا، ولهذا أثبت لهم فعل الحرث، الذي هو وضع الحب في باطن الأرض، كما قال في الآية التي قبل هذه الآية: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} (٥)، فأثبت لهم فعلا لقدرتهم عليه، وهو الحرث، ونفى عنهم ما هو خارج عن قدرتهم، وهو الإنبات.

والجواب عن بقية الآيات التي ربما يستدل بها الجبرية ومن قاربهم لا يخرج في الغالب عن نحو الجواب عن الآيات التي سبق إيرادها، كما أنه بفهم المسائل التي سبق طرقها وبيان الحق فيها تزول الإشكالات والشبه التي تثيرها الجبرية وتفهم الآيات التي يدعون فيها التعارض، ويتضح وجهها ومعناها، وأن قول سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة هو القول الوسط الذي يتفق مع نصوص الكتاب والسنة، وقول الجبرية قول فاسد باطل مخالف لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأمة من السلف والخلف.


(١) انظر: زاد المسير (٨/ ١٤٨)، فتح القدير (٥/ ١٥٧).
(٢) سورة الواقعة الآية ٦٤
(٣) سورة الواقعة الآية ٦٤
(٤) تفسير ابن كثير (٦/ ٥٣٢)، وانظر: فتح القدير للشوكاني (٥/ ١٥٧).
(٥) سورة الواقعة الآية ٦٣