للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام بعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين وبعد إمارة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في زمن الفتنة التي كانت بين ابن الزبير وبين بني أمية في أواخر عصر عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وغيرهما من الصحابة، وكان أول من ظهر عنه ذلك بالبصرة معبد الجهني، فلما بلغ الصحابة قول هؤلاء تبرؤوا منهم، وأنكروا مقالتهم، كما قال عبد الله بن عمر - لما أخبر عنهم -: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، وكذلك كلام ابن عباس وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين، فيهم كثير، حتى قال فيهم الأئمة كمالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم: إن المنكرين لعلم الله المتقدم يكفرون " (١).

ويقول الحافظ ابن حجر: " وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون الباري عالما بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم، وإنما يعلمها بعد كونها، قال القرطبي وغيره: قد انقرض هذا المذهب، ولا نعرف أحدا ينسب إليه من المتأخرين، قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها، وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم، وواقعة منهم على جهة الاستقلال، وهو مع كونه مذهبا باطلا أخف من المذهب الأول " (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٥٠).
(٢) فتح الباري (١/ ١١٩).