للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحمودة التي لأجلها خلق ذلك كله، وهو أنواع كثيرة منها أن يعرف الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله وآياته، ومنها أن يحب ويعبد ويشكر ويذكر ويطاع، ومنها أن يأمر وينهى ويشرع الشرائع، ومنها أن يدبر الأمر ويبرم القضاء ويتصرف في المملكة بأنواع التصرفات، ومنها أن يثيب ويعاقب؛ فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، فيوجد أثر عدله وفضله موجودا مشهودا، فيحمد على ذلك ويشكر ... إلى أن قال: " وقد أثنى على عباده المؤمنين حيث نزهوه عن إيجاد الخلق لا لشيء ولا لغاية، فقال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} (١)، وأخبر أن هذا ظن أعدائه لا ظن أوليائه فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٢)، وكيف يتوهم أنه عرفه من يقول: إنه لم يخلق لحكمة مطلوبة له، ولا أمر لحكمة، ولا نهى عن حكمة، وإنما يصدر الخلق والأمر عن مشيئة وقدرة محضة لا لحكمة ولا لغاية مقصودة، وهل هذا إلا إنكار لحقيقة حمده، بل الخلق والأمر إنما قاما بالحكم والغايات، فهما تظهران بحمده وحكمته، فإنكار الحكمة إنكار لحقيقة خلقه وأمره، فإن الذي أثبته المنكرون من ذلك ينزه عنه الرب ويتعالى عن نسبته إليه، فإنهم أثبتوا خلقا وأمرا لا رحمة فيه ولا مصلحة ولا حكمة، بل يجوز عندهم، أن يقع أو يأمر بما لا مصلحة


(١) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٢) سورة ص الآية ٢٧