للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما العلامة فيا عجبا لفرقة التحريف وما جنت على القرآن والإيمان! ففي أي لغة وأي لسان يدل قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (١) على معنى: إنك لا تعلمه بعلامة، ولكن الله هو الذي يعلمه بها، وقوله: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} (٢) من يعلمه الله بعلامة الضلال لم يعلمه غيره بعلامة الهدى ... وفي أي لغة يفهم من قول الداعي: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (٣) علمنا بعلامة يعرف الملائكة بها أننا مهتدون، وقولهم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (٤) لا تعلمها بعلامة أهل الزيغ ... " (٥).

وأما قولهم بأن الله نسب الإضلال إلى الكفار والشياطين فيقال: نعم، إن الإضلال قد يحصل من هؤلاء، ولكن لا بمعنى الخلق، بل بمعنى التزيين والإغراء والإغواء، والفرق بين الأمرين ظاهر.

ثم إن الشبهة التي نفوا بها أفعال الله من الإضلال ونحوه (٦)، حيث زعموا أنه يلزم من نسبة هذه الأفعال إلى الله الظلم منه تعالى لعباده، فهذه الشبهة ناشئة من مذهبهم العقلي، وتشبيههم الله بخلقه.


(١) سورة القصص الآية ٥٦
(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٦
(٣) سورة الفاتحة الآية ٦
(٤) سورة آل عمران الآية ٨
(٥) شفاء العليل ص (١٧٩)، وانظر أيضا ص (١٧٧، ١٢١، ١٤٠).
(٦) انظر المغني للقاضي عبد الجبار (٨/ ١٩٣)، وشرح الأصول الخمسة ص (٧٧٩).