للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعندهم أن ما حسن من المخلوق حسن من الخالق، وما قبح من المخلوق قبح من الخالق، وهذا الكلام ليس على إطلاقه، فالله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١) " كما أننا لا نحيط علما بحكمته سبحانه، وإن كنا نقطع أن الله سبحانه حكيم عليم، وأن جميع أفعاله لحكم وغايات محمودة قد ندرك بعضها، ونجهل الكثير منها.

ومما يزيل الشبهة في ذلك أيضا التفريق بين الخلق والمخلوق كما سبق إيضاحه، فلا تلازم بين فعل الله ومفعولاته، ففعله سبحانه كله حسن وحكمة وخير، وأما مفعولاته ففيها الخير والشر، والصلاح والفساد، والجميع خلقه سبحانه وتعالى.

- وأما تأويلاتهم الطبع والختم على القلوب وجعل الأكنة عليها على معنى تسميتها بذلك، أو وسمها، أو الحكم والشهادة عليهم بذلك (٢) " فهذه التأويلات لا يشهد لها شرع، ولا لغة، بل هي من بدع القدرية، وقد قصدوا بها إنكار أن يكون لله أي فعل حقيقي في إضلال من ضل من عباده، والختم والطبع على بعض القلوب بحيث يمتنع عليها قبول الهداية أو الخروج من الغواية.

ومما يدل على بطلان تأويلاتهم هذه أن الله سبحانه ذكر الطبع والختم ونحو ذلك في معرض امتناع الإيمان منهم لأجل ذلك (٣)، كما قال


(١) سورة الشورى الآية ١١
(٢) انظر: الكشاف للزمخشري (١/ ١٥٨)، ومتشابه القرآن ص (٥٣).
(٣) انظر: تأويلات الطبع والرد عليها في: المواقف ص (٣١٩).