للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا يكون ذلك عبثا؟

٦ - قالوا: إن منهجنا علمي تجريبي، لا نؤمن إلا بما تدركه حواسنا، ولا نصدق بشيء وراء الحس.

٧ - وقالوا: إذا أكل إنسان إنسانا آخر وهضمه، وصار جسم المأكول في جسم الآكل، فكيف يعودان؟ أيعود الشخصان وقد صارا جثة واحدة؟ أم يعود واحد منهما فقط وأين الثاني؟

٨ - وقالوا: إذا فرضنا (أن زيدا من الناس) مر بطورين: كفر وإيمان، وكان في أحدهما هزيل الجسم، وفي الطور الآخر سمينا فهل يعاد هزيلا فلا تنال الأجزاء التي كانت تسمنه جزاءها؟ أم يعاد سمينا فتنال هذه الأجزاء جزاء ما لم تكن تستحقه لأنها لم تكن موجودة؟ هذه هي الشبه التي أثاروها - ثمان - ولا شيء بعد ذلك، وقد تكفل القرآن بالرد عليها، وتفنيدها واحدة واحدة، ردا محكما لا يترك ثغرة لمرتاب، وبأسلوب هو غاية الإعجاز في الإتقان والإحكام، حتى لا تكون لفيلسوف حجة ولا شبه حجة، وهو أيضا غاية الإعجاز في اليسر والسلاسة والرحابة، حتى لا يعجز الإنسان العادي بفطرته عن فهم العقيدة، والإيمان بها إيمانا صحيحا جازما وافرا في قلبه، آخذا عليه أرجاء نفسه.

وذلك، لأن هذا الدين لم يجئ لطائفة دون أخرى - بل هو دين الفطرة، ورسالة الله للعالم كله بعث به خاتم رسله ليكون للعالمين نذيرا، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (١).

الرد على هذه الشبه:

١ - في الشبهة الأولى تستبعدون البعث، وتقولون: إن إعادة المنعدم مستحيلة ونرد عليكم بأن الإعادة أسهل من البدء (في مقاييسنا نحن البشر) - أما أمام


(١) سورة القمر الآية ١٧