للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد التشبه بالكفار إذا كان عن قصد للتشبه بهم من الكفر الأكبر المخرج من الملة، وعلى هذا القول فلو تشبه بهم من غير قصد للتشبه بهم، ولكن لأنه استحسن هذا العمل وأعجبه ففعله فهذا محرم وليس بكفر، قال القاضي حسين الشافعي: (لو تقلنس المسلم بقلنسوة المجوسي أو تزنر بزنار النصراني صار كافرا؛ لأن الظاهر أنه لا يفعل ذلك إلا عن عقيدة الكفر) قال الشيخ جميل اللويحق عند ذكره لهذا القول: (وممن أطلق ذلك الحنفية والمالكية وجمهور الشافعية، وعللوا ذلك بأن عوائد الكفار الخاصة بهم هي علامة الكفر، ولا يفعلها إلا من التزم الكفر، والاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في العقل والشرع) كما استدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (١) والتشبه من التولي، ولعل الأقرب أن هذا التشبه محرم ولا يخرج من الملة، كما هو قول كثير من أهل العلم، وهذه النصوص من باب الوعيد (٢).

وقد وردت أدلة شرعية كثيرة تدل على تحريم التشبه بالكفار:

قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ} (٣) فنهى الله


(١) سورة المائدة الآية ٥١
(٢) ينظر: روضة الطالبين: كتاب الردة ١٠/ ٦، الاقتضاء ١/ ٢٤٢، ٤٢٠.
(٣) سورة الحديد الآية ١٦