للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغفورة، وسيئاته معفوة، ومعايبه مستورة، إلا الدين، فهذا يدل على عظم حقوق الآدميين ولهذا قال النووي - رحمه الله - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - (إلا الدين) ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر، لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى ا. هـ (١) فإذا كان كبار الصحابة الذين شهدوا بدرا وأحدا والخندق وغيرها من الغزوات العظيمة الذين شهد بصدقهم الكتاب والسنة وإجماع سلف هذه الأمة يخاطبون بذلك، ويطبق عليهم هذا الحكم، فما ظنك بغيرهم الذين هم أقل منهم في المنزلة، والعبادة والتقوى، فالبدار البدار والنجاة النجاة فلقد نزل من السماء تشديد ووعيد في الدين وحقوق الآدميين جعلت الحبيب عليه الصلاة والسلام يتعجب منه فهذا محمد بن جحش الصحابي رضي الله عنه يقول: «كنا جلوسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع رأسه إلى السماء، ثم وضع راحته على جبهته ثم قال: سبحان الله ماذا نزل من التشديد، فسكتنا وفزعنا، فلما كان من الغد سألته يا رسول الله ما هذا التشديد الذي نزل فقال: والذي نفسي بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه (٢)».

وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من أعظم الذنوب بعد


(١) انظر: شرح مسلم للنووي (١٣/ ٢٩) والتمهيد لابن عبد البر (٢٣/ ٢٣٢).
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى (٧/ ٣١٤).