للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان الدين بهذه المثابة من التغليظ والتشديد والوعيد، فلماذا إذن يتساهل الكثير بأمره، ولم يقدروه حق قدره، حتى أصبح غالب الناس إما مدينا يطالبه غرماؤه، وإما منتظرا حلول أقساطه التي عليه، وإذا كان من أعظم القربات وأجل الطاعات هو إراقة الدماء في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، وبذل النفس في الجهاد في سبيله تعالى وقد جاء في فضله وفضل المجاهد في سبيله من الفضائل والمكرمات، والشرف في القرب عند الرحمن ما جاء.

ومع ذلك كله فإن حقوق العباد تقف حاجزا منيعا دون نيل هذه المكرمات والفضائل، «فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل، فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم إن قتلت في سبيل الله، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف قلت: قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك) (١)» رواه مسلم (٢). فانظر رحمك الله فضل المجاهد في سبيل الله وأنه إن قتل وهو صابر محتسب مقبل غير مدبر فإن خطاياه كلها مكفرة، وذنوبه


(١) صحيح مسلم الإمارة (١٨٨٥)، سنن الترمذي الجهاد (١٧١٢)، سنن النسائي الجهاد (٣١٥٧)، الجهاد (٣١٥٨)، مسند أحمد (٥/ ٣٠٤)، موطأ مالك الجهاد (١٠٠٣)، سنن الدارمي الجهاد (٢٤١٢).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١٣/ ١٥٠١).