للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - بل إن بعض أهل العلم يرى أن في تسمية المدين مماطلا نظرا؛ لأن المماطل إنما هو في حق من منع قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن منه من غير عذر (١).

وعلى هذا فلا تجوز مطالبة المعسر، ولا يجوز حبسه ولا أذيته للآية الكريمة، ولما جاء من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: «أصيب رجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك (٢)».

وجه الدلالة من الحديث: هو أن قوله: (وليس لكم إلا ذلك) يفيد أنه ليس لأصحاب الديون إذا أخذوا ما وجدوه أن يسجنوا المدين، أو يلازموه ...

قال ابن القيم - رحمه الله -: والذي يدل عليه الكتاب والسنة وقواعد الشرع أنه لا يحبس في شيء من ذلك إلا أن يظهر بقرينة أنه قادر مماطل سواء كان دينه عن عوض أو عن غير عوض، وسواء لزمته باختياره أو بغير اختياره ... " (٣) وهل يجوز لصاحب الحق ملازمة المدين المعسر؟


(١) انظر: المفهم شرح تلخيص الإمام مسلم للقرطبي (٤/ ٤٣٨) وفتح الباري (٤/ ٤٦٥).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٣/ ١١٩١).
(٣) الطرق الحكمية (ص ٦٣).