للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «أصيب رجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال - صلى الله عليه وسلم -: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك (١)».

وجه الدلالة: هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الغرماء أن يأخذوا ما وجدوه من مال للمدين، فإذا لم يبق له مال، فنهاهم عن التعرض له بأي طريق، فدل ذلك على عدم جواز ملازمته والتضييق عليه (٢).

المناقشة:

ناقش الحنفية أدلة الجمهور، واعترضوا عليها ومن ذلك ما قاله أبو بكر الجصاص: فقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٣) لا يدل على نفي الملازمة وذلك لأنه ينصرف على أحد وجهين:

الأول: إما أن يكون وقوع الإنظار هو تخليته من السجن، وترك عقوبته إذ كان غير مستحق لها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل مطل الغني ظلما، فإذا ثبت إعساره فهو غير ظالم بترك القضاء، فأمر الله ترك لزومه.

الثاني: أو أن يكون المراد الندب والإرشاد إلى إنظاره بترك لزومه


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر: شرح النووي (١٠/ ٢١٨) الإشراف على مسائل الخلاف (٢/ ١٢).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٠