للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس عدم العقل في عدم الإيمان فحسب، بل عدم العقل في ارتكاب المعاصي، وتضييع الفرائض؛ فمن ضيع الفرائض، وارتكب المحرمات، لم يعقل عظيم قدر الله في جلاله وهيبته، وعظيم قدر ثوابه وعقابه في القيام بفرائضه، وارتكاب معاصيه؛ فالعاقل من يغلب إيمانه هواه، وحلمه جهله. لذلك قال عامر بن عبد قيس (ت ٥٥ هـ): (إذا عقلك عقلك عما لا ينبغي، فأنت عاقل) (١).

وسئل أعرابي: (أي منافع العقل أعظم؟ قال: اجتناب الذنوب) (٢).

فالعمل ثمرة العقل وفائدته، ولا عقل لمن لم يعمل بموجب ما دله إليه عقله.

إذا تبينت هذا، فاعلم أن العقل يطلق على كل هذه المعاني الأربعة مجتمعة: الغريزة، والعلوم الضرورية، والعلوم المكتسبة، والعمل بالعلم.

ويشهد لهذا قول ابن تيمية (ت ٧٢٨هـ) عن العقل: (هو علم، أو عمل بالعلم، وغريزة تقتضي ذلك) (٣).


(١) الماوردي، مصدر سابق، ص ٩.
(٢) ابن عبد ربه، مصدر سابق، ٢/ ١١١.
(٣) ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، ١٤٠٢ هـ، ١٠/ ٣٠٢.