للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن نور الله إذا أراد سبحانه بالعبد خيرا، يقذفه الله بحاسة القلب، فينفتح لهذا النور الذي هو هبة من الله جل وعلا، ويتغير إحساس صاحبه من الانغلاق إلى التبصر، ومن الظلمة إلى النور، ليتأصل هذا الإحساس، في أعماق القلب، ومن ثم يدفع صاحبه إلى البحث عن الحقيقة التي يجدها في عمق ما يقرأ، أو يسمع من آية في كتاب الله، تربطه بمفهوم دقيق في نفسه، أو فيما حوله، أو بموازنة بما لديه من معتقد، ليقارب ويتبصر، ومن ثم يبرز عنده الحق، ويتضاءل الباطل بعلامات كل منهما ... وهذا من فضل الله على ذلك الإنسان، أن يسر الله طريق الهداية، كما قال سبحانه لنبيه الكريم: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (١) ويقول سبحانه: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٢).

ويظهر هذا جليا، في حالات من أهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - أتباع موسى وعيسى عليهما السلام، ليسترشد من أراد الله له الهداية، والخير، ويعاند من تقوم عليه الحجة، لأنهم يعرفون الله في الكتب المنزلة على أنبيائهم، وأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حق وأن القرآن المنزل عليه حق من عند الله، مثبت لما عندهم. وناسخ


(١) سورة القصص الآية ٥٦
(٢) سورة الشورى الآية ٥٢