للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفقه في أحكام الله وتنزيلها على واقع المكلفين وأحوالهم، ليس بالأمر الهين، وليس مرتعا لكل من شاء أن يقول ما شاء!

والفقيه الذي قصر علمه على حفظ الأقوال في المذهب من غير معرفة الأدلة صحيحها من سقيمها فهو مقلد، فلعله بنى حكما على نص ضعيف لا تقوم به الحجة، أو قاعدة غير صحيحة، أو قول غير معصوم، منقوض بقول المعصوم (١).

إذن لا بد من أصول وقواعد تبين مصادر الاستدلال ومظان الدليل، وتوضيح قواعد الاستنباط وطرقه، وهو ما قام به علماء الأمة - رحمهم الله - الذين رسموا للأمة المناهج الصحيحة القويمة التي تضبط عملية الاجتهاد في دين الله، وتبين سبيله وضوابطه وشروطه، وتبين ثبات هذه الشريعة بثبات مصادرها، وتبين كذلك شمول الشريعة واستيعابها لحوادث الزمان والمكان، وذلك تحقيقا لقول الحق سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٢).

ومع كثرة الغبش في هذه العصور المتأخرة، وولوج من ليس من العلم في صدر ولا ورد إلى ميدان التأصيل والتفريع، فإن المفزع لمعرفة الحق ومن ثم التمسك به هو العودة الصحيحة لكتاب الله وسنة


(١) انظر: مقدمة (معالم السنن) للخطابي (١/ ٤، ٥).
(٢) سورة النحل الآية ٨٩