للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونخلص من ذلك: أن مقام المفتي مقام كبير القدر، عظيم الأثر، وأن أي مجتمع مسلم لا ينبغي أن يخلو من أهل الفتوى والاجتهاد، وإلا أدى ذلك إلى تخبط الناس في دينهم، وابتعادهم عن السنة، واختلاط الحلال بالحرام! فيضلون على الصراط السوي وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!

بل ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا لم يوجد مفت في بلد ما حرم السكن فيه! ووجب الرحيل منه إلى حيث من يفتيه في أحكام الدين؛ وما يستجد من نوازل! (١).

قلت: ولا ينبغي أن يكون في حياة المسلم أعظم من دين الله ليهتم به ويسأل عنه، وهذا من صدق الديانة وأمارات الإيمان. وكما قال ابن القيم، فإن " حاجة الناس إليهم - يعني المفتين - أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم عليهم أفرض من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب العزيز " (٢).

فإذا كان مقام المفتي بهذه الدرجة من الأهمية، وبهذه الخطورة، فلا بد إذا من بيان المؤهلات والشروط التي بتحصيلها يتأهل العالم لهذه المرتبة الرفيعة في الدين.


(١) انظر: (المجموع) للنووي (١/ ٤٧).
(٢) (إعلام الموقعين) (١/ ٨).