المطلب الثالث: الشروط العلمية الواجب توفرها في العالم ليتأهل للإفتاء، وآداب المفتي:
شروط المفتي هي ذاتها شروط المجتهد، قال د. عبد الله التركي في كتابه (أصول الإمام أحمد): " تقدم أن المفتي هو المجتهد، ومن لم يبلغ درجة الاجتهاد هو: المقلد، وعند الكلام على المجتهد؛ وما يلزم له ذكرنا طرفا مما يشترط له، وهى شروط المفتي في الواقع "(١).
وفي اصطلاح المتقدمين لا فرق بين الفقيه والمجتهد والمفتي، فهي أسماء لمسمى واحد، فالفقيه الذي لا يملك أدوات الاجتهاد، ويكتفي بحفظ الفروع؛ لا يسمى فقيها على الحقيقة! فالفقه أساسه الفهم، وقد أشار إلى ذلك الزركشي - رحمه الله - نقلا عن غيره من الأصوليين، جاء في البحر المحيط:" تنبيه علم من تعريفهم الفقه " باستنباط الأحكام ": أن المسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحا، وأن حافظها ليس بفقيه، وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح (المستصفى) قال: وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها " فروعي "، وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة، فيتلقاها منه الفروعي تقليدا ويدونها ويحفظها، ونحوه، قال ابن عبد السلام: هم نقلة فقه لا فقهاء، وذكر الشافعي في (الرسالة): صفة
(١) (أصول الإمام أحمد) (ص ٧٢٦)، وانظر: (مجلة مجمع الفقه الإسلامي) (١١/ ٢).