للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصبح مع كثرة المطالعة والتدقيق فيها؛ على بصيرة بما يصلح أن يكون مناسبا للتشريع وما لا يكون كذلك.

يقول إمام الحرمين: " ومن لم يتفطن لوقوع المقاصد في الأوامر والنواهي فليس على بصيرة في وضع الشريعة " (١).

فالشريعة مبناها على مقاصد وأصول لا بد للمفتي من مراعاتها واعتبارها حالا ومآلا قبل أن يصدر فتواه.

وقد ذهب الإمام الشاطبي وهو يناقش القدر الذي يجب على المجتهد تحصيله من هذه العلوم والمعارف، ويقرر بعد بحث علمي شائق، أنه ليس من الواجب على العالم أن يتعمق في كل علم من العلوم المذكورة في شروط الاجتهاد حتى يصل لدرجة الاجتهاد فيها! بل يكفيه أن يمتلك القدرة العلمية على الاستفادة من كل فن ما يساعده في بناء الفتوى بناء صحيحا، سواء أكان في الحديث أو اللغة أو غيرهما من العلوم، قال - رحمه الله -: " ولو كان مشترطا في المجتهد الاجتهاد في كل ما يفتقر إليه الحكم، لم يصح لحاكم أن ينتصب للفصل بين الخصوم حتى يكون مجتهدا في كل ما يفتقر إليه الحكم الذي يوجهه على المطلوب للطالب، وليس الأمر كذلك بالإجماع ". (٢).


(١) (البرهان) (١/ ٢٩٥).
(٢) (الموافقات) (٥/ ٤٧).