للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى من المجتهدين؛ كمجتهد التخريج مثلا، وقد تكررت دعوى انعدام المجتهدين في عصور متعددة، وممن ذكر ذلك ابن أبي الدم الشافعي المتوفى سنة ٦٢٤ هـ إذ يقول: "واعلم أن هذه الشروط - يقصد شروط الاجتهاد المطلق - يعز وجودها في زماننا هذا في شخص من العلماء، بل لا يوجد في البسيطة اليوم مجتهد مطلق " (١).

ولعل السؤال المهم لا سيما مع تكرر هذه الدعوى من قرون طويلة، ما هي الأسباب المؤدية إلى انتشار هذه الدعوى، وندرة المجتهدين، وانتشار التقليد حتى أصبح هو الأصل؟

وقبل ذكر شيء من ذلك بحسب ما نلمسه من واقع موجود، أنقل تفسيرين لعالمين من العلماء الذين اجتهدوا في تلمس هذا الأمر، ومن قرنين مختلفين.

أولهما: أبو المعالي الجويني - رحمه الله - حيث قال في كتابه (الغياثي) وهو يتألم من انتشار التقليد وانحسار الاجتهاد!: "وإنما بلائي كله من ناشئة في الزمان شدوا طرفا من مقالات الأولين، وركنوا إلى التقليد المحض، ولم يتشوفوا إلى انتحاء درك اليقين، وابتغاء ثلج الصدور، فضلا على أن يشمروا للطلب ... " (٢).


(١) (أدب القضاء) للحموي.
(٢) (الغياثي) (ص ١٨٣).