للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما عنده، ومريد بها وجه المخلوق ورجاء منفعته؟ فيفتي الرجلان بالفتوى الواحدة وبينهما في الفضل والثواب أعظم مما بين المشرق والمغرب. . . وقد جرت عادة الله التي لا تتبدل وسنته التي لا تحول أن يلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه، ويلبس المرائي اللابس ثوبي الزور من المقت والمهانة والبغضة ما هو اللائق به؛ فالمخلص له المهابة والمحبة، وللآخر المقت والبغضاء " (١).

٢ - كما تقرر من قبل فإن مكانة المفتي في الدين وفي نفوس أهل هذا الدين عظيمة، وحتى يكون صادقا مع ربه ومع الناس، وحتى يحقق معنى القدوة المنتظر من أمثاله، لا بد أن يوافق قوله عمله، ولا يكون من الذين قال الله فيهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٢).

٣ - أن يتجرد من كل هوى وحظ نفس، ولا يتطلع في فتواه إلى إرضاء أحد من الناس أو إسخاطه، ويكون رائده ومقصده هو (إصابة الحق) تحقيقا لرضوان الله ونفعا للأمة، وكما نص القرآن وحكم الرحمن؛ فإن حكم الحاكم لا يخلو من حالين لا ثالث


(١) (إعلام الموقعين) (٤/ ١٥٣).
(٢) سورة البقرة الآية ٤٤