للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا! حتى إذا طفحت الكأس: هب من شاء الله من حملة الشريعة ينزعون من أنوارها بذنوب وافرة، يطفئون بها جذوة الهوى والبدعة، فهم مثل العافية في الناس لدينهم وأبدانهم، بما يقيمونه من حجج الله وبيناته القاهرة، فتهب بذلك ريح الإيمان، وتقوم سوق الانتصار للكتاب والسنة (١) ".

وللنظر في تأثير (الفتوى) في مثل المسائل الإيمانية والعقدية المهمة، فإن ذلك الأثر لا يبدو ظاهرا واقعا إلا من خلال ذكر نماذج لمواقف عدد من العلماء من أهل الفتوى والاجتهاد، الذين كان لفتاواهم واجتهاداتهم في مواقف معينة أثرها البالغ والظاهر في حفظ الدين وحماية العقيدة الصحيحة في نفوس وعقول المكلفين من الذين يدخلون بإذن الله في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٢) وهم كثير ولله الحمد، ومنهم: إمام دار الهجرة العالم المجتهد صاحب المذهب مالك بن أنس، المتوفى سنة ١٧٩ هـ رحمه الله الذي أثرت عنه الأقوال المتواترة في تقدير الفتوى وبيان عظم شأنها! ومنها: ما نقله ابن خلكان عن الحميدي في كتابه (جذوة المقتبس) قال: وحدث القعنبي قال: دخلت


(١) (الردود) (ص ١٥ - ١٦).
(٢) سورة السجدة الآية ٢٤