للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوسطية! وإذا لم يكن ليس ثمة خلاف بين المسلمين في أن (الكتاب والسنة) هما المرجعان الرئيسان لمعرفة أحكام الله عقيدة وشريعة، إلا أنهم اختلفوا في مناهج الاستثمار أو الاستنباط؛ بمعنى كيفية استنباط الأحكام من هذين المصدرين، ولهذا الاختلاف في المناهج أسبابه وخلفياته التي ليس هذا أوان ذكرها.

والذي يهمنا هو معرفة كيف يكون منهج التوسط في كيفية الاستنباط والاجتهاد، ولا يظهر ذلك جليا إلا بعد تصور المناهج المطروقة والسبل المسلوكة في هذا الباب.

فمن العلماء قديما وحديثا من اختار الاقتصار على ما تفيده ظواهر الألفاظ الواردة في النصوص الشرعية، ويعد الاقتصار على ذلك أمرا متعينا؛ لأن فيه الأمن من البعد عن مرادات النصوص قدر الإمكان، وعن تحكيم العقل فيما لا سلطة له فيه.

ومنهم من غلب جانب التعليل وإعمال العقل في النصوص؛ بحجة أن الشريعة أحكامها معقولة المعنى، فلا بد من إظهار هذه المعاني والعلل، وبناء الأحكام عليها، ومنهم لا سيما من المتأخرين من يغلو في هذا الجانب وينادي بأنه يكفي أن تكون الأحكام الفقهية منطوية تحت معان عامة تدل عليها النصوص إجمالا.

وقد أدى التمادي في هذا الاتجاه إلى بعد كثير من الفتاوى والاجتهادات عن مقتضيات النصوص، ومن العلماء من اختار سبيل