فالوسطية إذا في باب الفتوى " موقف بين موقفين في فهم النصوص والتعامل معها، وهي اتجاه بين اتجاهين بين ظاهرية مفرطة وباطنية مفرطة "(١).
فإذا ثبت وتقرر المنهج الصحيح للفتوى المنضبط بقواعد أهل العلم في هذا الفن، وبانت ملامحه، والذي هو في نهايته المنهج الوسط، أقول: إذا تقرر هذا المنهج؛ فإن العالم الذي بلغ درجة الاجتهاد وصار مؤهلا للاجتهاد والفتوى، فعليه واجب كبير ومن خلال ذلك المنهج العلمي الوسط أن يجتهد - قدر وسعه - في تحقيق مقصد الشارع من المكلفين المشار إليه سابقا وهو:(حمل المكلفين على الوسط).
وذلك يتأتى من جهة حمل المكلفين على موارد الشرع وأدلته، دون إفراط ولا تفريط؛ فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرق الانحلال والتفلت.
وهذا كله من نتاج المقدمة الأولى المشار إليها وهي:" وسطية منهج الإفتاء ".
وهو من واجبات المفتي، ومن الأمانة الملقاة على عاتقه. وقد نبه إلى ذلك عدد من المحققين من أهل العلم، ومنهم الإمام الشاطبي حيث قال: " المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود
(١) المؤتمر الدولي في الكويت بعنوان (الوسطية منهج حياة) ٢١ - ٢٣ مايو ٢٠٠٥.