للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوسط فيما يليق بالجمهور! فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرق الانحلال ... فإذا خرج عن ذلك في المستفتين؛ خرج عن قصد الشارع، ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموما عند العلماء الراسخين " (١).

والذي يليق بجمهور المكلفين هو الذي دلت عليه القواعد الشرعية الكلية المستنبطة من مجمل النصوص من كتاب وسنة، من مثل: رفع الحرج، والمشقة تجلب التيسير، واليقين لا يزول بالشك، إلا أن ذلك كله لا بد وأن يكون بعيدا كل البعد عن اتباع الهوى؛ المضاد لأصل التكليف.

وهذا الحمل على التوسط هو المنهج الذي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم والمفهوم من شأنه عليه الصلاة والسلام، فقد رد التبتل، وقال لمعاذ لما أطال بالناس في الصلاة " يا معاذ أفتان أنت " (٢)، وقال: «عليكم من الأعمال ما تطيقون (٣)».

ولكن: ما الذي سيحدث لو حاد المكلفون عن هذا المنهج الوسط سواء في الاعتقاد أم في الفقه؟

الذي سيحدث - والله تعالى أعلم - هو جنوح المكلف لأحد


(١) (الموافقات) (٥/ ٢٧٦).
(٢) مسلم؛ كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، رقم (٤٦٥).
(٣) البخاري؛ كتاب الصوم؛ باب صوم شعبان؛ رقم (١٩٧٠).