للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطرفين المذمومين الخارجين عن الجادة، وهما: الجفاء أو الغلو.

والغلو هو: مجاوزة الحد الذي رسمه الشرع، سواء في الاعتقاد، أو الفقه، أو التصورات (١).

والجفاء: خلاف البر، والجفاء في اللغة: ما نفاه السيل (٢).

وفي الحديث: «اقرءوا القرآن، واعملوا به، ولا تجفوا عنه؛ ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به (٣)».

فهذا الحديث نهي عن اتباع الطرفين المجانبين للمنهج الشرعي الوسط وهما (الغلو والجفاء) بمعنى الابتعاد عنه وهجرانه.

فالجفاء في الجملة هو: الابتعاد عن الهدي الشرعي في السلوك أو الاعتقاد، وهو نوع من التفريط كذلك.

فدين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له أيضا، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بمجاوزته الحد (٤).

وتحرير الأعمال والأقوال التي يسوغ وصفها بالغلو، أمر غاية في الأهمية، لكيلا يدخل تحت وصف الغلو أعمال وأقوال هي من دين


(١) انظر: (تفسير الطبري) (٦/ ٤٣)، (اقتضاء الصراط المستقيم) (١/ ٢٨٩).
(٢) (لسان العرب)، مادة: (جفأ).
(٣) (مسند أحمد) (٣/ ٤٢٨). وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (١١٦٨).
(٤) انظر: (مدارج السالكين) لابن القيم (٢/ ٤٦٩).