للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشبه الله تعالى مقارنة المن والأذى للصدقة أو إتباعها بذلك بإنفاق الكافر المرائي، الذي لا يجد بين يديه شيئا منه، مع أن مقارنة الرياء للصدقة أقبح من مقارنة الإيذاء ذلك أن المشبه بالشيء يكون أخفى من المشبه به، ولما كان الإنفاق رياء من غير المؤمن ظاهر في إبطال الصدقة، شبه به الإبطال بالمن والأذى، ثم إن حال المان شبيه بحال المرائي، لأنه لما من، ظهر أنه لم يقصد وجه الله، مع أن حال المرائي أشد من حال المان، فأمر الرياء أشد (١).

ومما يوضح هذه المسألة ما ذكره المفسرون في تفسير الآيات من سورة البقرة وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (٢).

قالوا: ضرب الله تعالى في هذه الآيات ثلاثة أمثله: للمرائي، وللمنفق ابتغاء وجه الله ولم يتبع نفقته منا ولا أذى، ولمن أتبعها منا وأذى.

فأما الآية الأولى فمثل فيها عمل المرائي بالصخر الأملس الذي


(١) ينظر: فتح الباري، ابن حجر ٣/ ٢٧٧
(٢) سورة البقرة الآية ٢٦٤