للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه تراب، ثم أصابه مطر شديد فغسله وتركه أملس يابسا وقد ذهب عنه ذلك التراب، وكان يظن الرائي لهذا الصخر أنه إذا أصابه مطر أنبت، ولكنه كالحجر، وهكذا أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله، وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس، فكما أن قلب المرائي ليس فيه إيمان بل قاس لا يلين ولا يخشع، فهكذا أعماله ونفقاته لا أصل لها تؤسس عليه بل هي باطلة.

وفي الآية الثانية ضرب مثلا للمؤمنين المنفقين أموالهم في سبيل الله فإنه لما كانت نفقتهم مقبولة مضاعفة عند الله لصدورها عن الإيمان والإخلاص فهم مثل الجنة المرتفعة، وهذا الوصف أعلى ما يطلبه الناس لأنها معرضة للرياح والشمس، والماء فيها غزير، ولهذا تؤتي أكلها متضاعفا حتى وإن أصابها طل فإنها لا تمحل أبدا، وأياما كان فهو كفايتها، وهكذا عمل المؤمن لا يبور أبدا، بل يقبله الله ويكثره وينميه، وهو بأعلى المنازل.

وأما الآية الثالثة ففيها مثل من أنفق لله، ثم أتبع نفقته منا وأذى، أو عمل عملا صالحا أتى بمبطل لهذا العمل، فمثله مثل صاحب جنة فيها نخيل وأعناب وأنهار، لكن سلط الله عليها ريحا شديدة فأحرقتها، وذلك في حال ضعفه قد أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فتلفت الجنة دفعة واحدة وجرى عليها ما جرى حين اشتدت ضرورته إليها (١).


(١) ينظر: تفسير ابن كثير ١/ ٣٢٦، ٣٢٧ تفسير السعدي ١/ ٣٢٧