للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد سأل عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيم ترون هذه الآية نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} (١) قالوا: الله أعلم، فغضب عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين! قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك، قال ابن عباس: ضربت مثلا لعمل، قال عمر: أي عمل، قال ابن عباس: لعمل، فقال عمر: لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله (٢).

قال ابن القيم: " فلو فكر العاقل في هذا المثل، وجعله قبلة قلبه لكفاه، وشفاه، فهكذا العبد إذا عمل بطاعة الله، ثم أتبعها بما يبطلها ويفرقها من معاصي الله كانت كالإعصار ذي النار المحرقة للجنة التي غرسها بطاعته وعمله الصالح، فالمرائي ضرب الله سبحانه مثله بالصفوان الذي عليه التراب، فإنه لم ينبت شيئا أصلا، بل ذهب بذره ضائعا لعدم إيمانه وإخلاصه، وأما مثل المان: بالجنة التي هي من أحسن الجنان ثم سلط عليها الإعصار الناري فأحرقها، فهذا نبت له شيء وأثمر له عمله، ثم احترق، والأول لم يحصل له شيء يدركه الحريق (٣).


(١) سورة البقرة الآية ٢٦٦
(٢) البخاري ٤٥٣٨
(٣) طريق الهجرتين، ابن القيم ٢٣٧٣