للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسنرى بعد قليل أن هذا الرأي موضع نظر لدى المحققين. هذا وقد حلل البقاعي في " حاشيته على الألفية " كلام أبي داود المتقدم وانتهى إلى أن هناك - على قول أبي داود - ستة أنواع من الأحاديث في كتابه وهي:

١ - الأول الصحيح: ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته.

٢ - الثاني شبهه: ويجوز أن يريد به الصحيح لغيره.

٣ - الثالث مقاربة: ويجوز أنه يريد به الحسن لذاته.

٤ - الرابع الذي فيه وهن شديد.

٥ - وقوله (وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح) يفهم منه الذي فيه وهن ليس بشديد فهو قسم خامس، فإن لم يعتضد كان قسما صالحا للاعتبار فقط.

٦ - وإن اعتضد صار حسنا لغيره، أي للهيئة المجموعة وصلح للاحتجاج وكان قسما سادسا) (١).

وكذلك فإن الذهبي ذكر في " سير أعلام النبلاء " أن الأحاديث في " سنن أبي داود " ستة أنواع فقال:

١ - إن أعلى ما في كتاب أبي داود من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو شطر الكتاب.

٢ - ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر.

٣ - ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيدا سالما من علة وشذوذ.

٤ - ثم يليه ما كان إسناده صالحا وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا.

٥ - ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يسكت عنه أبو داود غالبا.

٦ - ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالبا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته) (٢).

والحق أن أحاديث أبي داود متفاوتة المراتب ومثل هذا التصنيف يعطي فكرة مناسبة عن أحاديث الكتاب، هذا وقد شهد العلماء بأن أبا داود قد وفى بوعده بتبيين ما فيه وهن شديد.

نقل السبكي عن الذهبي قوله الآتي:

(وقد وفى بذلك فإنه بين الضعيف الظاهر وسكت عن الضعيف المحتمل، فما سكت عنه لا يكون حسنا عنده ولا بد، بل قد يكون مما فيه ضعف) (٣).

وبالغ الحافظ السلفي فزعم أن ما في سنن أبي داود صحيح، فقد ذكر الكتب الخمسة وقال:

(اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب).


(١) " كشف الظنون " لحاجي خليفة ٢/ ١٠٠٥.
(٢) " قواعد التحديث " ص ٢٣٢.
(٣) " طبقات الشافعية " ٢/ ٢٩٥.