بالفطرة، هي في أصل فطرة الخلق، خلق الله خلقه بها بل أخذ عليهم الميثاق عليها:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}(١) إنما أجابوا «بلى» لسبق المعرفة، فاجتمع في معرفة الخلق بربهم وتوحيدهم له في ربوبيته الفطرة والميثاق فلم يبق إلا العمل لله والتوجه له بالعبادة، ومن هنا كان التوحيد أول واجب على العبد فإن من عرف ربه لزمه التعبد له.
الأساس الثاني: معرفة معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله فإنها شعار الملة وقاعدة التوحيد، دل تركيبها على التوحيد المراد لله المطلوب من العبد أبلغ دلالة، وفي معرفة معنى كلمة التوحيد قاعدتان العلم بهما هو العلم بالتوحيد، من لم يحصلها لم يحصل التوحيد وهما:
أولا: العلم بأنه لا توحيد إلا بنفي وإثبات، نفي جنس الإلهية وجميعها عما سوى الله وإثباتها لله وحده، ولا بد من اجتماع هذا النفي وهذا الإثبات لحصول التوحيد، فإن الشرك إثبات الألوهية لله مع إثباتها أو شيء منها لغيره معه، فمن أثبت الألوهية لله لا يكون موحدا حتى ينفيها عما سواه، وعلى هذا ركبت كلمة التوحيد، فأولها نفي لا إله وآخرها إثبات إلا الله أولها تخلية وآخرها تحلية، نسخت ثم رسخت، سلبت ثم أوجبت، نقضت ثم