للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (١)»، وتحصيل الشرط يسبق تحصيل المشروط، ولا يكون المشروط إلا بشرطه، فيكون الشرط أول ما يحصل.

ويشهد لهذا الأساس أعظم شهادة، ويقرره أثبت تقرير، العلم بأن توحيد الله في ربوبيته لا يكفي في حصول الإسلام فالمشركون الذين بعث فيهم الرسل كانوا مقرين لله بالربوبية يفردونه بها ولا يشركون معه غيره فيها، شهد الله لهم بهذا الإيمان فقال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (٢) وهذا الإيمان الذي وصفهم به هنا هو الذي شرحه في آيات منها قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (٣) فهم كانوا يوحدون الله في ربوبيته ومع هذا لم يقبل الله منهم بل بعث فيهم الرسل حتى قال خاتمهم صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله (٤)».

وإنما كان العلم بأن التوحيد الربوبية وحده لا يكفي في حصول الإسلام ولا يحرم دما ولا مالا محققا لهذا الأساس من أسس العلم بالتوحيد لأن غاية ما يحصل بتوحيد الربوبية معرفة الله تعالى، ومعرفة الله متحصلة


(١) أخرجه مسلم ٤/ ٢٢٨٩ رقم ٢٩٨٥.
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٦
(٣) سورة يونس الآية ٣١
(٤) البخاري الإيمان (٢٥)، مسلم الإيمان (٢٢).