للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأساس الثاني: الحكمة في الدعوة، وتكون بثلاثة أمور:

أولها: طلب هداية المدعو لا منافرته ومغالبته قال الله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١) فهذه حال الداعي حريص على هداية المدعو يشق عليه ما يشقيه ويبعده عن الحق، قال صلى الله عليه وسلم: «والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (٢)».

ثانيها: المخاطبة بالحسنى والمعاملة باللين واللطف، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٣) وقال سبحانه: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (٤) {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (٥) وقال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (٦).

ثالثها: الصبر، في ختام توجيهاته لرسوله بعد قوله: {قُمْ فَأَنْذِرْ} (٧) قال الله تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (٨) وقال له: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (٩) والصبر هو تمام الحكمة وميزانها في الدعوة إلى التوحيد،


(١) سورة التوبة الآية ١٢٨
(٢) البخاري مع الفتح ٦/ ١١ ح٢٩٤٢ ومسلم ٤/ ١٨٧٢ ح٢٤٠٦.
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥
(٤) سورة طه الآية ٤٣
(٥) سورة طه الآية ٤٤
(٦) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٧) سورة المدثر الآية ٢
(٨) سورة المدثر الآية ٧
(٩) سورة الأحقاف الآية ٣٥