للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت تعجبه، فنهش منها ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وذكر الحديث إلى أن قال: "فأنطلق فآتي العرش فأقع ساجدا لربي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب أمتي، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس في الأبواب (١)».

ثم بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحق الناس بشفاعته حين سأله أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: «من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه (٢)».

قال ابن القيم رحمه الله في المدارج في معنى الحديث: تأمل هذا الحديث كيف جعل الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد، عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم، فقلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما في زعم الكاذب وأخبر أن سبب الشفاعة تجريد التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع.

ومن جهل المشرك اعتقاده أن من اتخذ وليا أو شفيعا أنه يشفع له وينفعه عند الله، كما يكون خواص الملوك والولاة تنفع من والاهم.

ولم يعلموا أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي قوله وعمله، كما قال في الفصل الأول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (٣).


(١) العلو الذهبي ١٢١ ح ٨٣.
(٢) أحمد في المسند ٢/ ٣٠٧، وابن حبان في صحيحه ٨/ ١٣١ وله شاهد في مسلم.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٥