للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" ولما بين قهره لهم بعلمه، بين عجزهم عن كل شيء من علمه إلا ما أفاض عليهم بعلمه فقال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ} (١) أي قليل ولا كثير {مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} (٢) فبان بذلك ما سبقه، لأن من كان شامل العلم ولا يعلم غيره إلا ما علمه كان كامل القدرة، فكان كل شيء في قبضته، فكان منزها عن الكفؤ متعاليا عن كل عجز وجهل، فكان بحيث لا يقدر غيره أن ينطق إلا بإذنه لأنه يسبب له ما يمنعه مما لا يريده " (٣).

بشيء جاءت نكرة لتفيد العموم.

من علمه يحتمل من علم ذاته وصفاته، يعني: أننا لا نعلم شيئا عن الله وذاته وصفاته إلا بما شاء مما علمنا إياه. (٤).

ويحتمل أن (العلم) هنا بمعنى المعلوم، أي ولا يحيطون بشيء من معلوماته، لأن علم الله تعالى الذي هو صفة ذاته لا يتبعض، والمعنى: لا معلوم لأحد إلا ما شاء الله أن يعلمه (٥).

لأن معلومه – عز وجل – يدخل فيه علمه بذاته وبصفاته والله تعالى أعلم.

وما علمنا الله – عز وجل – كثير بالنسبة لنا، قليل لمعلومه – تعالى – فنحن نعلم أشياء عن أسماء الله - عز وجل – وعن صفاته، وعن الأحكام


(١) سورة البقرة الآية ٢٥٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٥٥
(٣) نظم الدرر البقاعي ١/ ٤٩٧.
(٤) شرح العقيدة الواسطية، الشيخ ابن عثيمين ١/ ١٧١.
(٥) المحرر الوجيز ابن عطية ٢/ ٢٢٧، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي ١٤٣.