للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم (١)»، رواه الدارمي والترمذي وقال: هذا حديث في إسناده مجهول وفيه الحارث ثم قال:

ليس لهذا الحديث إسناد صحيح، ولكن معناه صحيح، ولذلك رواه المنذري في الترغيب والترهيب، والبغوي في المصابيح، وابن كثير في التفسير، والأحاديث التي كانوا يخوضون فيها وشغلتهم عن القرآن هي القصص والأخبار والحكايات التي لا طائل تحتها، والمساجد إنما بنيت للصلاة وذكر الله، وخير الكلام كلام الله، وبه ينبغي أن تعمر المساجد لا بالرأي والأباطيل، قال الشعبي رحمه الله: والله لقد بغض إلى أهل الرأي المسجد، حتى لهو أبغض إليهم من كناسة المسجد.

وقوله أوقد فعلوها إنكار عليهم، والضمير عائد على الفعلة الشنيعة، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجيء الفتن بعد زمانه عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن من تمسك بكتاب الله وسنة رسوله التي هي بيانه عصمه الله من الفتن في كل زمان ومكان، وفي زماننا هذا فتن عظيمة ولا مخرج منها للدول والشعوب وآحاد الناس إلا باتباع القرآن اتباعا حقيقيا، والعمل به وتحكيمه ورفع رايته، وقوله نبأ ما قبلكم أخبار الأمم السابقة وما أصابها من العذاب بإعراضها عن كتب الله ورسل الله، وخبر ما بعدكم من سوء عواقب الظالمين والفاسقين عن أمر الله، والمتعدين لحدود الله، وأشراط الساعة، فمن تمسك به هداه الله دائما سبل السلام كما تقدم في آية المائدة وحكم ما بينكم الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها الأمة إلى يوم القيامة.

وقوله هو الفصل أي الفاصل بين الحق والباطل، وليس فيه شيء من الهزل، بل هو جد كله من تركه من جبار قصمه الله أي ترك القرآن من الجبارين القاهرين لخلق الله المتعالين عن حكم الله، قصمه الله، أي أهلكه ومن ابتغى الهدى أي طلب الحق والرشاد والعدل في غير القرآن أي مما يضاد القرآن ويناقضه أضله الله أي أخرجه عن سبل السلام وأوقعه في سبل الهلاك. وقوله وهو حبل الله المتين قال الحافظ ابن كثير عن أبي جعفر الطبري بسنده إلى أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء والأرض (٢)» وروى ابن مردويه بسنده إلى عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن هذا القرآن هو حبل الله المتين وهو النور المبين وهو الشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه (٣)»، وروي


(١) سورة الجن الآية ٢ (٣) {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}
(٢) سنن الترمذي المناقب (٣٧٨٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٧).
(٣) سنن الترمذي فضائل القرآن (٢٩٠٦)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٩١)، سنن الدارمي فضائل القرآن (٣٣٣١).