للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله ولا تلتبس به الألسنة لأن الله يسر تلاوته وتدبره على العرب والعجم، ولذلك تجد المجودين والمتضلعين في علوم القرآن من الشعوب الأعجمية أكثر مما تجدهم من العرب.

فقد جرت مباراة في ماليزيا بالشرق الأقصى في تجويد القرآن وحسن تلاوته اشترك فيها أربعة عشر قطرا، رجالا ونساء، ففاز بالجائزة الأولى قراء ماليزيا وقارئاتها، وفاز بالجائزة الثانية قراء إندونيسيا وقارئاتها {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (١)

ولا يشبع منه العلماء لأن فوائده لا نهاية لها، فمن شبع منه فهو من الجاهلين، والأستاذ (محمد مارماديوك) الإنجليزي النسب - رحمه الله - في مقدمة تفسيره للقرآن بالإنجليزية كلام حسن في هذا المعنى، وليس تحت يدي الآن نسخة منه لكي أنقله، وكذلك الأستاذ الفرنسي (خير الدين زيني) في تفسيره للقرآن بالفرنسية رحمه الله.

ولا يخلق عن كثرة الرد أي لا يبلى مع كثيرة التلاوة وإعادتها ولا يمل ولا تنقضي عجائبه أي أودع الله في القرآن حكما وأسرارا لا نهاية لها فلا تزال تظهر للمفكرين والمتدبرين فيتعجبون منها، هو الذي سمعته الجن فأجلته وأكبرته، وبهرها حتى قالت {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (٢) {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} (٣) إلى الخير والعدل والحق، وأهم ذلك توحيد الله، ولذلك قالوا {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (٤) وسائر ما قالوه في سورة الجن يدل على شدة تأثير القرآن فيهم، وقوله من قال به أفتى بمقتضى ما فيه صدق أي أصاب الحق، ومن أفتى بخلافه كذب ومن عمل به نجا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، ومن لم يعمل به هلك هلاكا أبديا ومن حكم به عدل ومن حكم بخلافه تعدى وظلم ومن دعا إليه أي إلى تحكيمه والعمل به فقد هدي بصيغة المجهول والمعلوم، وهما متلازمان، لأنه الهادي إلى الصراط المستقيم مهدي.


(١) سورة القمر الآية ١٧
(٢) سورة الجن الآية ١
(٣) سورة الجن الآية ٢
(٤) سورة الجن الآية ٢