للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإما بالنسبة إلى صفاتها التي تحقق ذاتها وتفصلها عما يشاركها أو يقاربها، وإما بالنسبة إلى تبديلها بغيرها كجعل الظاء المعجمة مكان الضاد، وكجعل السين مكان الشين المعجمة، وكجعل الزاي مكان الجيم، وكجعل الغين المعجمة مكان الراء، وكجعل الهمزة مكان القاف، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه مما نسمعه من ألسنة الناس. انتهى.

وقد سمعت بأذني قارئا يقرأ قوله تعالى: {إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (١) بإبدال الشين سينا والجيم زايا والذالين دالين مهملتين، وهذا من اللحن الذي يغير المعنى، وقد نقل القاضي عياض في الشفاء الإجماع على أن من بدل حرفا في القرآن عمدا كفر.

ومن أسوا ما يرتكبه المغاربة من تبديل الحروف نطقهم بالتسهيل في قراءة ورش هاء خالصة فيقرءون الهمزة الثانية في (أئنك) و (أئذا) وما أشبه ذلك هاء وليس هذا معنى التسهيل، فالتسهيل تليين الهمزة الثانية حتى تكون بين الألف والهمزة، أو بين الواو والهمزة، أو بين الياء والهمزة، ويقابله التحقيق وهو النطق بهما همزتين خالصتين.

ولم ينعدم التجويد بالمرة في المغرب في أي زمن، ولكنه كما قلت سابقا نادر، وأكثر القراء على خلافه، ومما يدلنا على ذلك ما جاء في نصوص الشيخ التهامي بن الطيب السجلماسي ثم الغرفي في إنكار تبديل التاء بما تقدمت الإشارة إليه، وهذه الأبيات بعضها مختل الوزن فأنا أنقلها على علاتها، قال:

تحفظ رعاك الله في السر والجهر ... على مخرج التاء حين تتلو على غير

إلى الحنك اصعد حين إخراجك لها ... ولا تنحون نحو الثنايا تنل شكري

ولا تحدثن فيها صفيرا ورخوة ... فذلك فعل الجاهلية ذوي السكر

فبالسين والزاي الجهرا وصادها ... يخص صغير القوم كلهم قادر

كما خصصوا رخوا بجملة أحرف ... وليس لحرف التاء فيهن من ذكر

وقد كان علماء المغرب إلى عهد قريب جدا معنيين بتجويد كتاب الله أحسن عناية، قل ما يجاريهم في ذلك علماء قطر آخر من الأقطار الإسلامية، حتى أن الملك فؤاد ملك مصر لما أراد أن يطبع المصحف على الرسم العثماني، وكلف بذلك جماعة


(١) سورة هود الآية ١٠٨