للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروف حقوقها وترتيبها في مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته، من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد (١)» يعني عبد الله بن مسعود " وكان قد أعطي حظا عظيما في قراءة القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى.

وناهيك برجل أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع القرآن منه، ولما قرأ أبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كما ثبت في الصحيحين، وروينا بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (٢) ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته وترتيله.

والأخذ بالتجويد حتم لازم ... من لم يجود القرآن آثم

لأن به الإله أنزل ... وهكذا منه إلينا وصلا

وهو أيضا حلية التلاوة ... وزينة الأداء والقراءة

فواجب عليهم محتم ... قبل الشروع أولا أن يعلموا

مخارج الحروف والصفات ... ليلفظوا بأفصح اللغات

وهذا الواجب مضيع في المغرب لا يقوم بأدائه إلا النادر من أهل العلم، مع أن المغرب أحق الناس بالعناية بإصلاح اللسان لاختلاطهم مع الأعاجم وإبدال كثير منهم بعض الحروف، كالجيم يبدلونها زايا، والتاء يبدلونها بحرف ألماني بين التاء والسين، والثاء ينطقون بها مثل ذلك، والذال يبدلونها دالا مهملة، والظاء يبدلونها ضادا، والشين يبدلونها سينا، وقد يبدل هؤلاء السين شينا، يرتكب ذلك حتى من ينسب إلى العلم منهم من غير نكير، وقد أشار إلى ذلك المحقق ابن عبد السلام الفاسي في كتابه الذي ألفه في القرآن وعلومه وآدابه في المجلد الأول قال: اللحن لحنان: جلي، وخفي، فالجلي: لحن الإعراب، والخفي: لحن ترك إعطاء الحرف حقه من تجويد لفظه، وذلك إما بالنسبة إلى مخارجها، بأنه لا تعطى حقها الواجب لها.


(١) سنن ابن ماجه المقدمة (١٣٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٧).
(٢) سورة الإخلاص الآية ١